الثلاثاء ١٢-١-٢٠٢١
لن أتطرق لحال أمريكا في المدى القصير لأنهم يدخلون الآن في نفق طويل ومظلم. لأول مرة في تاريخهم المعاصر يستحوذ حزب واحد على مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض. أي أن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية أصبحت تابعة لحزب واحد. ولكنهم في وضع حتى أسوأ من ذلك، إذ أن الإعلام يتبعهم أيضاً، وبالتالي أصبحت لديهم اليد العليا على البقية الباقية من أدوات البلد الفعالة من قضاء وقوات مسلحة ومخابرات. ولذلك فإنهم -وبمنتهى السهولة- قد وصلوا إلى الحكم الشمولي الذي يسعون إليه وهو نموذج الصين.
من المتوقع أن أيام إدارة بايدن لن تطول، لأن ما يريدون تنفيذه لن يتمكن بايدن من القيام به. فقد يمكث في المكتب البيضاوي لمدة سنة، ولكن كمالا هاريس هي المستهدفة للقيادة في هذه الفترة التي ستتم فيها كل التغييرات المطلوبة لأمريكا.
منذ تسعينيات القرن الماضي وهم يخططون للتخلص من أمريكا كمقرهم الأصلي، لأنهم أدركوا أن الأسلوب الذي استخدموه في التعامل مع الاقتصاد لم ينجح إطلاقاً، وحتى أسلوب الحياة المجتمعية أدى إلى الكثير من المشاكل في محاولة السيطرة على أفراد الشعب. صَدَّقَ الشعب التشدق بالحريات على أنها فعلاً حقيقية وواقع ولم يعي سوى قلة قليلة أن ما يقال بالنسبة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ما هي إلا شعارات طنانة ليكتسب حكام العالم صفة الأخلاق والمبادئ السامية، والتي يختبئون وراءها عندما يقومون بكل جرائمهم.
منذ عدة عقود وجماعة الشر تعمل على تحوير الحريات التي كانت تتمتع بها أمريكا إلى شيء من الماضي. وفعلاً نجحت في ذلك كما اوردتُ في سلسلة مقالات خاصة بهذا الموضوع تحت عنوان: “أمريكا بلد الحريات”.
‏https://www.facebook.com/434856873287111/posts/1935991496506967/
ولكن لم تتآكل كل الحريات بالقدر الكافي الذي يسمح لهم بتغيير نمط الحياة إلى النموذج الذي قرروا أن يطبقوه وهو النموذج الصيني، حيث يحكم الحزب الشيوعي الصيني بيد من حديد، ويظن الشعب أنه يعيش كل الحرية لأنه لا يرى أن لديه حرية في داخل الإطار المرسوم له من حكام البلد. فوجدت جماعة الشر أن هذا هو النموذج الأمثل لما يريدونه للشعب الذي يحكمونه، وعندما يطبق على جميع الدول فإنه سيسهل مهمتهم في حكم العالم. ولذا بدأ ما أسماه البعض “الربيع” الغربي، ولو أن ما يحدث للغرب الآن هو أكبر من الربيع العربي الذي دمر بعض الدول، وأصبحت دول فاشلة. ما يدبر للغرب أعمق بكثير لأنهم لا يريدون إفشال الدولة بل يريدون هدم كل منظوماتها بما فيها المنظومة المجتمعية، وتخفيض عدد السكان. وفي حالة أمريكا، فهناك دراسة بها أعداد المواطنين في المستقبل حيث تقول أن عدد المواطنين الأمريكيين سينخفض ابتداءاً من سنة ٢٠٢٠ من ٣٣٠ مليون إلى أن يصبح في سنة ٢٠٢٥ فقط ٩٠ مليوناً. وهذا يعنى إنخفاض مخيف لايمكن أن يحدث إلا مع وجود إما حرب نووية، أو وباء قاتل لا يوجد له لقاح أو علاج. ويبدو أن الخيار الأمثل كان الخيار الثاني: الوباء. ولذلك كانت كورونا. ولكنها لم تسفر بعد عن التخلص من كل هذه الأعداد، فبدأت القلاقل المجتمعية والشغب الذي يساعد ليس فقط في فتح مجال للحرب الأهلية والتي ينتج عنها تخفيض الأعداد، ولكن أيضاً تساعد في هدم المنظومة السياسية.
كل ذلك يعتبر خطة جماعة الشر للتحكم في العالم. لكن هناك عوامل أخرى تطرأ دائماً تجعلهم يعدلون من خططهم. فنجد أنهم كانوا ينوون بدء خطط النظام العالمي الجديد في الغرب منذ ٢٠١٦، وعبر هيلاري كلينتون التي كان مخططاً لها الفوز بالرئاسة الأمريكية. ولكن جاء ترامب بدلاً منها، ولم يمكن التخلص منه طيلة الأربع سنوات التي كانت مدة إدارته. وهذه الأربع سنوات كلفتهم الكثير. ليس بالنسبة للوقت والمال فقط، بل الأهم كلفتهم إنتشار المعرفة والوعي بشكل أوسع داخل المجتمع الأوروبي وليس المجتمع الأمريكي فقط. وهذا أصعب في التغلب عليه في وقت قصير إلا لو استخدم الخوف الذي يصل إلى حد الرعب. ولذا كان وباء كورونا، وهو سلاح يحقق هدفين:
الأول: قتل أعداد كبيرة من البشر في العالم كله وأيضاً بث الرعب لدى الجميع، ويعطيهم فرصة إكمال الخطة بتخفيض الأعداد والسيطرة على من يتبقى من البشر وذلك عبر اللقاح والتطعيم. ولكن للأسف بالنسبة لهم بدأت الشعوب تعي ما يحاك لها وبدأت تقاوم وتتمرد على الإجراءات المفروض انها إحترازية لحمايتهم من انتشار الوباء.
ثانياً: الإغلاق الذي يسهم في هدم الاقتصاد العالمي وإفقار الشعوب ولهدم وتقطيع الأواصر المجتمعية ليزيد الخوف والعزلة التي تؤدي للرعب والذي عن طريقه يمكن السيطرة على غالبية الشعوب.
https://www.facebook.com/595508961/posts/10158379687933962/
ولكن الأربع سنوات التي حكم فيها ترامب بدأ الشعب الأمريكي يرى أن النخبة التي حكمته لعدة عقود ليست بالقوة التي لا تقهر كما صورت نفسها لهم بل أنها قهرت من ترامب بفوزه في الانتخابات واعطتهم الأمل أنه يمكن أن يكون هناك طريقة حكم مغايرة عما إعتادوه على فترة طويلة من الزمن.
فترة حكم ترامب كسرت الكثير من “التابوهات” التي كانت قد وضعت للحد من حريات المواطنين وأكثرهم فعالية الإيهام بما أسموه
‏political correctness
وهو عبارة عن نمط للتصرفات اللائقة على حسب معاييرهم والتي شملت الكثير من نواحي الحياة العادية. وكما هو الحال معهم يعطون اساس اخلاقي سامي لكل واحد من المحاذير بالرغم من أن تطبيقه له أساس آخر تماماً يخدم أجندتهم. فعلى سبيل المثال أوهموا الشعب أنه سيعتبر شئ غير لائق من الجميع أن يهنئوا بعضهم البعض في عيد الميلاد المجيد بالقول
‏ Merry Christmas
كما كان الحال لمئات السنين، ولكن لابد من تغيير ذلك إلى
‏Season’s Greetings
والذي على حسب قولهم لن يجرح مشاعر من لا ينتمون للمسيحية بسماعهم المعايدة بهذا العيد. وهذا طبعاً هراء، لأن الناس أنفسهم لم يجدوا غضاضة من هذه المعايدة، لأن لكل دين عيده الخاص به، ومازال يحمل اسم العيد في المعايدة له. ولكن هذا مثال بسيط جداً على أسلوبهم في تقييد تصرفات المواطنين وجعلهم يرضخون لقانون أوهموهم أنه للصالح العام.
قاموا بمثل هذه الحيل التي صدقها غالبية المواطنين السذج من الأمريكيين وشعروا بأنهم يقومون بعمل نبيل في مراعاة مشاعر الغير دون الوعي بأنهم قد تمت السيطرة على تفكيرهم بالإيهام أن ما كانوا يقولونه من قبل كان له وقع سلبي على الغير، ولم يكن هذا صحيحاً.
وعلى هذا القياس تم تكتيف تصرفات اجتماعية كثيرة، وكلمات تعبيرية أيضاً ألغيت لتصبح بدون معنى. وكان مجيء ترامب للحكم قد كسر الكثير من التابوهات الخاصة
‏ political correctness
لأنه لا يتبعها ولذا شعر الكثير من الشعب الأمريكي بالقرب من ترامب، الذي إعتبروه إنسان عادي وواحد منهم. ولكن ما حدث فعلياً هو كسر أحد القيود التي كانت جماعة الشر قد وضعتها على الشعب دون درايته بمداها. لكن جماعة الشر أدركت مدى خطورة تأثير هذا الرجل في كسر سلطتهم على الشعب، وبدأت في محاربته من قبل استلامه مقاليد السلطة. وكانت المحاربة شرسة وعلى كل المستويات حيث صور للعالم الخارجي وفي الداخل أيضاً على أنه مهرج لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد أبداً. واقتنع الكثيرين بهذه الصورة لأن لترامب روح مداعبة تري مدى سخافة هذا القول فتمادى فيه. لكن أغلب الشعب فهمه بسهولة وأحبه لبساطته ولأخذ ما يقال عليه بطريقة الهزل. ولكن في نفس الوقت صدق الكثير من الناس أنه فعلاً بالسوء الذي روجت له جماعة الشر.
غداً نكمل المقال.

لإخطار شخصي برابط المقال إتبع
حسابي علي تويتر
https://twitter.com.AidaAwad13
وعلي الموقع الإلكتروني
‏aidaawad.wordpress.com
وعلى telegram
‏https://t.me/joinchat/AAAAAEq9CJKOKB5-q3jBJw